تعبير حول التسامح وكلام جميل عن التسامح ومعناه
الأخلاق هي ضرورة يقوم عليها كل مجتمع سوي حتى يتم الاستقرار والعيش بأمان وسلام بين بعضه، حيث تختلف طبيعة الإنسان عن طبيعة الغاب بسبب الضوابط الأخلاقيّة والتي ينبغي توافرها في أي مجتمع، وعندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يمدح نبيه ورسوله محمد صل الله عليه وسلم قال له: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ومن بين عظيم الأخلاق التي دعانا النبي صل الله عليه وسلم إليها هي التّسامح، حيث قال صل الله عليه وسلم في حديث مروي عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله: “رحِم اللهُ عبدًا سَمحًا إذا باع سَمحًا إذا اشترى سَمحًا إذا اقتَضى”.
التسامح ومعناه
يعني التّسامح الإخاء والتغاضي عن أخطاء الآخرين ولا نهول منها أو الوقوف عليها، وهو ضرورة هامة لا يُمكن لأي دولة أن تقوم دون تطبيقه، ولا حضارة تقوم من دونه، لأنه إذا رغب النّاس في مدح بعضهم في أحد المجالس قالوا أن ذلك الرجل متسامحًا ويتغاضى عن الأخطاء والزلّات، ولا نبالغ في الحقيقة إذا قلنا إنّ التغافل والتسامح هو نصف الخلق، والتسامح أيضًا هو وجهٌ من أوجه العفو والذي تأمر به جميع الأديان السماوية وفي خاتمتها دين الإسلام حيث قال رب العالمين سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
و التسامح يعتبر الطريق الوحيد للوصول إلى الإنسانية والسلام، كما لا يخفى على أحد أن سادة العالم وأفضل الشخصيات هم اللذين من يتمتعون بالأخلاق الحسنة والصفات الإنسانية السامية، وإذا رغب الإنسان أن يرفع من شأن دولته فعليه أن يكون سمحًا وحسن الخلق وطيب يحبه الناس كما يحنو على قلوبهم.
تعبير حول التسامح وكلام جميل عن التسامح ومعناه
أثر التسامح على الفرد
للتسامح قيمة كبيرة وعظيمة على نفس الفرد الذي يمتلك هذا الخلق العظيم، وأولها هو الاحساس بالسّلام الدّاخلي، فعندما يكون الفرد متسامحًا مع غيره فإنه بذلك لا يحمل أي مشاعر كره أو حقد أو أي مشاعر ضغينة على أيّ إنسان، فبذلك ينعم بالهدوءٍ والسكينة التامة، والتي لا ينالها أي فرد لا يستطيع التغافل عن زلات وأخطاء الآخرين، ولكن عندما يسامح الإنسان يشعر بالسلام ويتمتع بالسلام وبهدوء النفس ويكون بذلك بعيدًا عن الأمراض العصبية على سبيل المثال مثل الضغط والسكر وغيرها من أمراض الأعصاب التي تدمر الإنسان، والتسامح يزيد من ثقة الإنسان في نفسه، وبذلك يشعر الفرد في أعماقه أنّه أعلى من كل الأشياء من حوله، وأنَّ كلّ ما يحدث بين النّاس من كره ومشاحنات يمكنه الترفع من أن يقع فيها، فيُحس في داخله أنّه لم يُخلق في هذه ليكون مشاحنًا وناشرًا للأخلاق السيئة والرذيلة على الإطلاق، ولو تأمّل الناظر كل الأخلاق والصفات الإنسانيّة لتوصل بذلك إلى نظريةٍ مهمة جدًّا في علم الأخلاق، وهي أنّ الطريق لكل القيم الأخلاقية الحسنة في تلك الحياة تقف خلف باب واحدٍ مغلق ومفتاحه الوحيد فقط هو التّسامح.
ولا يمكن للإنسان أن يكون صادقًا مع نفسه أو مع الآخرين حتّى يمكنه التأكد من أنّ خُلُق وصفة التسامح صار مطبقًا في مجتمعه، فيعلم بذلك أنّ خطأه يمكن تصحيحه والغفران ولم يتم كتابته في لوحٍ لا يمكن محو ما كتب فيه، ولو علم الصّديق أنه لو اقترف خطأ في حق غيره يكون في دائرة التسامح والعفو فإنَّه بذلك لن يتكبر عن الاعتراف له أو لتقديم الأعذار حتى تظل صداقتهم متينة وقوية، ويتمتع بالتسامح والرقي والعزة، فيعلم في أعماق نفسه أنّه لن يدور في مسائلة اللوم أو العتاب أو السؤال أو انتظار أي جواب، بل أنه أعلى من أن يقف تلك الوقفة التي يحاسب فيها مع أيّ شخص.
أثر التسامح على المجتمع
إنّ أيدي التسامح الطيبة لا تطال فقط الإنسان نفسه كفرد في المجتمع بل تطال أيضًا المجتمع بالكامل، حيث يتأثر المجتمع بهذه الصفة الحسنة، وتسود المحبة بين أفراده حتّى يشعر الإنسان منهم أنَّ لو أحد جيرانه تألم فسيتألم هو، ويزدهر المجتمع، ويمكن لأفراده استثمار طاقاتهم والإنجاز وأيضًا الابتكار بدلًا من أن استثمارها في نشر الصفات السيئة مثل الكره بين مختلف أفراده، بدلاً من الثأر الشخصي أو الأحقاد، وعندما يكون المجتمع من أعماقه سليمًا لا يمكن لأي أحدٍ في المجتمع أن يخرقه أو أن يؤثر فيه، بل يكون التساعد والمساندة هما سيّدا الموقف، ويبدأ بذلك النَّاس في تفقد بعضهم البعض ويُحققون المعنى الهام الذي يستدعي من الإنسان أن يصبح أخًا للإنسان ولا يُؤذيه ولا ينتهك له سترًا.
مواقف التسامح
من أكثر المواقف التي يظهر فيها التسامح منذ قديم الزمان هو تسامح النبي صل الله عليه وسلم مع الذين أرادوا إيذائه حينما كانوا أقوياء وذوات عزة ومنعة، وهي قبيلة قريش التي بذلت كل الغالي والنفيس وبخاصة أغلب أسيادها حتى يعدل عن دعوته، وحاولوا إيذائه فنشروا في طريقه الزجاج حتى دمت قدماه، كما أخرجوه من أرضه وحاولوا قتله لولا رحمة الله وعناية الله به، فيقف بعد أن تم فتح مكة ويخبرهم قائلاً مع الصحابة رضي الله عنهم أن من دخل داره فهو آمن ومَن دخل المسجد فهو آمن، وأخيرًا عندما ظفر بمن قام بأذيته لم يقتلهم أو يصلبهم ولم يحبسهم في غياهب السجن، ولكن سامحهم صل الله عليه وسلم وقال لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء، وأطلقهم حتى قيل عنهم طلقاء فتح مكة.
يعتبر التسامح هو الخيط الذي يقوم بالربط بين قلوب الناس، ولو انقطع هذا الخيط لأصبح الإنسان ضحية لأمراض القلب القاتلة والتي تظهر في الحقد والكراهية بالإضافة للأنانية وغيرها من الأمراض التي إذا لحقت بأي مجتمع أهلكته، ولا بدّ لأي مجتمع يرغب في رؤية تأثيرات التسامح الإيجابية أن ينفض من قلبه غبار الحقد والكراهية، وليبتعد عن صغائر الأمور التي تهلك المجتمع، كما أنها كادت أن تقضي عليه، ولكن التمسك بطيب الخلق بالإضافة للمسامحة التي تؤثر على المجتمع فيطمع من خلاله في مرضاة الله سبحانه ويفوز برضا الله وخير الدنيا والآخرة، ويكون بذلك الإنسان المتسامح ممن أحبه الله وأحبه الناس من حوله.